إضراب شركة الريجي [التبغ]
في حزيران/ يونيو 1946، هدّد عمّال وعاملات الريجي بالقيام بإعلان الإضراب العام إذا لم توافق إدارة الشركة على مطالبهم، ومن بينها زيادة الرواتب والتثبيت في الوظيفة. وعندما لم تستجب الإدارة إلى تلك المطالب، دعت العاملات إلى إضراب. بدأ الإضراب رسمياً بتاريخ 11 حزيران/ يونيو 1946، مع نقل كثيرٍ من المنظّمين البارزين من فرع الشركة في بيروت إلى فرع طرابلس بهدف إضعاف الحركة. غير أنّ الإضراب واصل هذه الضغوط لمدّة شهر، حتّى دعت إدارة الشركة العمّال لإنهاء إضرابهم مقابل دراسة مطالبهم. وعندما فشل العمّال في رؤية أيّ علاماتٍ تشير إلى أنّ الإدارة ستستمع لمطالبهم، احتلّوا الشركة والمخازن. نظّم العمّال والعاملات أنفسهم في لجنتين أدارتا الإضراب.
وقد شكّل ترؤّس امرأةٍ هي أسمى ملكون لأولى اللجنتين سابقةً 1. منع العمّال شاحنات التوزيع التابعة للشركة من نقل السجائر إلى السوق، ما أدّى إلى مواجهاتٍ داميةٍ بين العمّال وقوّات الشرطة التي انتشرت في مركز الإضراب في منطقتي مار مخايل وفرن الشبّاك. كانت أولى الضحايا وردة بطرس إبراهيم، إذ أصيبت برصاص الشرطة بتاريخ 27 حزيران/ يونيو 1946. وعلى الرغم من سقوط القتلى والجرحى بسبب إضرابات الريجي التي أدّت إلى إقرار قانون العمل اللبناني بتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر 1946، فمن الجدير بالذكر أنّ إضرابات الريجي لم تحدث وحدها. فبدءاً من العام 1925، بُذلت جهودٌ كبيرةٌ هدفت إلى تشكيل النقابات والقيام بالإضرابات في صناعة الصابون ودور النشر وصناعة الأحذية وغيرها 2.
في ما يخصّ غياب السجلّات بصدد مشاركة العاملات في التحشيد من أجل حقوقهنّ، فقد قالت فرح قبيسي، وهي ناشطة نسوية سياسية:
“لا يوجد توثيقٌ للحركات النسائية في ما يخصّ مطالبهنّ المتعلّقة بالعدالة الاجتماعية. هنالك تهميشٌ وصمتٌ واضحان بصدد النساء لأنّ غالبية حركاتهنّ وُجدت خارج الهياكل المنظّمة أو النقابية. نحن نعرف حادثين اثنين فقط ذُكرت فيهما أسماء النساء: وردة بطرس من مصنع الريجي وفاطمة القهوجي من مصنع الغندور. وقد جمع بينهما أمرٌ مشترك: استشهادهما ـ كما لو أنّه ليس بوسع النساء أن يُعرَفن حتّى يتوفّين. ما هو معروفٌ عن حياة فاطمة قليل: بدأ الناس التحدّث مؤخراً فحسب عنها وحاولوا أن يتعقّبوا خطّ حياتها.
أياً كان من تناول الأرشفة آنذاك ـ سواءٌ أكان في وسائل الإعلام أم من النقابات ـ فهو لم يركّز على دور النساء بسبب افتراض أنّ أعضاء النقابات هم من الرجال، وأنّ العامل المثالي هو رجلٌ يعيل أسرته، لا امرأةٌ تعيل أسرتها” 3.